إن حب الإنسان لبلده فطرة مزروعة فيه فإنه ليس من الضروري أن يكون البلد جنة مفعمة بالجمال الطبيعي تتشابك فيها الأشجار وتمتد على أرضها المساحات الخضراء وتتفجر في جنباتها ينابيع الماء، كي يحبه أبناؤه ويتشبثوا به، فقد يكون الوطن جافا، جرداء أرضه، قاسيا مناخه، تلهب أديمه أشعة الشمس الحارقة، وتزكم الأنوف هبات غباره المتصاعدة، وتحرق الوجوه لفحات هجيره المت...قدة، وقد تكون أرضه عرضة للزلازل وتفجر البراكين، أو تكون ميدانا للأعاصير والفيضانات، أو غير ذلك من السمات الطبوغرافية والمناخية التي ينفر منها الناس عادة، لكن الوطن، رغم كل هذا، يظل في عيون أبنائه حبيباً وعزيزاً وغالياً، مهما قسا ومهما ساء. ولكن هل الفكارة تعرف حقيقة حب أبنائها لها؟ هل الفكارة تعرف حقا أنها حبيبة وعزيزة وغالية على أهلها؟ إن الحب لأي احد أو أي شيء، لا يكفي فيه أن يكون مكنونا داخل الصدر، لابد من الإفصاح عنه، ليس بالعبارات وحدها وإنما بالفعل، وذلك كي يعرف المحبوب مكانته ومقدار الحب المكنون له. والوطن لا يختلف في هذا، الوطن يحتاج إلى سلوك عملي من أبنائه يبرهن له على حبهم له وتشبثهم به. فلنعمل جميعا من اجل الفكارة كل من منبره قليلا كان هذا العمل ام كثيرا.